نشيد بدور الشركات الوطنية القطرية لجهودها في الحفاظ على البيئة واستدامتها

الدكتور محمد سيف الكواري  خلال الجلسة الافتتاحية

القى الدكتور محمد سيف الكواري رئيس هيئة تحرير الكتاب ورئيس المؤتمر كلمة افتتاحية قال فيها (  أصدر قسم الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة تقريراً تفصيلياً عن حالة التعداد السكاني لكوكب الارض في عام 2022، حيث أشار التقرير إلى أن عدد السكان تجاوز الـ8 مليارات نسمة، كما يؤكّد باحثون في مجال السكان بأنه يُتوقع أن يصل عدد سكان العالم إلى 8.5 مليار في عام 2030، وأن يزيد بعد ذلك إلى 9.7 مليار نسمة مع حلول عام 2050، ثم يصل بعد ذلك إلى 10.4 مليار نسمة بحلول عام 2100. وهذه التوقعات — كما هو الحال في كل التوقعات — ليست يقينية تماما. وتستند النتائج المذكورة على متغيّر متوسط التقديرات، لذلك فقد وضّحت الدراسات الفنية بأن زيادة عدد السكان يقابلها زيادة في استنزاف الموارد الطبيعية وبوتيرة أكبر من قدرة الأرض على تجديدها، وهذا ما يسمى بـ(البصمة البيئية)، وهي أداة لقياس معدل استخدام الأفراد للموارد الموجودة مقارنة بالمعدل الذي تحتاج إليه الأرض لإعادة توفير هذه الموارد، مما يؤدي إلى انتشار الفقر والجوع في أكثر من بقعة من بقاع الأرض، واستمرار تفاقم أزمة المناخ، ونقص المياه.

وفي هذا الإطار، ركّزت مبادئ “مؤتمر ستوكهولم الأول للبيئة والذي عُقد في عام 1972، على ضرورة حماية الموارد الطبيعية للأرض لصالح الأجيال الحالية والمقبلة من خلال التخطيط أو الإدارة الدقيقة، مع الحفاظ على قدرة الأرض لإنتاج موارد حيوية متجددة، واستخدام الموارد غير المتجددة للأرض بطريقة تحميها من خطر استنفاذها في المستقبل.

ومن هنا ظهر مفهوم الاستدامة لأول مرة في عام  1987م، حيث وضعت لجنة الأمم المتحدة العالمية المعنية بالبيئة والتنمية تعريف للاستدامة، وهي القدرة على تلبية احتياجات الجيل الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتهم الخاصة، وتُعرّف أيضا على أنها القدرة على تحسين نوعية حياة الإنسان أثناء عيشه ضمن القدرة الاستيعابية للأنظمة البيئية الداعمة للأرض، وهذا التعريف تم وضعه من قبل الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN)، وقد جاء بسبب أنماط الإنتاج والاستهلاك العالمية التي تدمّر الطبيعة بمعدلات مستمرة ومرتفعة بشكل خطير. كما عرّف عالم البيئة بول هوكين Paul Hawken الاستدامة بأنها الحفاظ على التوازن في علاقة الإنسان بعالم الكائنات الحية على الأرض، حيث يبيّن أن الإنسان يستخدم موارد الأرض ويدمّرها بشكل يفوق قدرتها على التجدّد.

كما ظهرت بعد ذلك تعاريف متعددة للاستدامة البيئية Environmental Sustainability ومن أشهرها أن الاستدامة البيئية هي عبارة عن تفاعل الإنسان المسؤول مع البيئة لتجنب استنزاف الموارد الطبيعية أو تدهورها، والحفاظ على جودة البيئة لأمد طويل.

لذلك تكمن أهمية الاستدامة البيئية بأنها أمر بالغ الأهمية لحماية النُظم البيئية والتنوع البيولوجي والموارد الطبيعية على كوكب الأرض، وذلك من خلال تقليل تأثيرنا على البيئة والحفاظ على الموائل الطبيعية والتصدي لتغيّر المناخ، وذلك بتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والتحوّل إلى مصادر الطاقة المتجددة، وبالتالي يمكننا المساعدة في التخفيف من آثار تغيّر المناخ وبناء مستقبل أكثر مرونة، مع ضمان تمتع الأجيال القادمة بكوكب صحي وحيوي.

على الرغم من أن مسؤولية تطبيق مبادئ ومفاهيم الاستدامة البيئية غالباً ما تُناط بالجهات الحكومية، إلا أنه لا يمكن تحقيقها بدون تعاون هادف وجاد واستعداد حقيقي من قبل القطاع الخاص، والذي يقع على عاتقه بصفته جزءاً اساسياً من هذه الاستراتيجية، مسؤولية الاستثمار في البحث والتطوير والمساهمة في نشر التقنيات الحديثة وتسهيل تبادل البيانات بالإضافة إلى توسيع آفاق التعاون الوطني والاقليمي والدولي.

ختاما نود أن نشيد بجهود وزارة البيئة والتغيّر المناخي وبجهود سعادة الشيخ الدكتور فالح بن ناصر بن احمد بن علي آل ثاني وزير البيئة والتغيّر المناخي لحماية البيئة وتعزيز الاستدامة البيئية في قطر، وأيضا نشيد بدور الشركات الوطنية القطرية لجهودها في الحفاظ على البيئة واستدامتها، كما نؤكد بأن الاستدامة البيئية ضرورية لحماية الكوكب، ومعالجة تغيّر المناخ، والحفاظ على الموارد الطبيعية، وحماية صحة الإنسان، وتعزيز التنمية الاقتصادية.